ما الحكمة من سؤال الملائكة
قوله تعالى :{ وإذ قال ربك
للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك
الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون }.
فزعموا أن ذلك من قبيل الأعتراض على الله - ونسوا أن الاعتراض على الله
ليس مجرد معصية فقط وإنما هو الكفر البواح الذي وقع فية إبليس- علية لعنة
الله- كما زعموا أن قولهم هذا فية سب لآدم وذريته , ومدح وتزكية لنفوسهم ,
واعتراض على حكم ربهم!!.
ونبادر ونقول :إن زعمهم هذا من نسيج الخيال , وشبهتهم هذة تدل على الجهل
والخبل , فإن عصمة الملائكة ثابتة بالكتاب والسنة , وعلية أجماع الأمة .
فالله
عز وجل خلق الملائكة , وجبلهم على طاعتة , وعصمهم من معصيتة , فهم كما
وصفهم بقوله : { لايعصون الله ماأمرهم ويفعلون ما يؤمرون }
, وقال : {ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون } , وكما قال عنهم : { يسبحون الليل والنهار لا يفترون } ,
وقال
عنهم : { عباد مكرمون*لايسقونه بالقول وهم بأمرة يعملون * يعلم مابين
أيديهم وما خلفهم ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون *} , وقال
عنهم :{ يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون مايؤمرون
} , ومن كان هذا حالهم ,و تلك صفاتهم , فإنهم لايعصون ربهم , فكيف يعترضون
على حكم خالقهم وينفون حكمة ربهم ؟ ويتطاولون أمام الله بتزكية نفوسهم ؟
كلا وألف كلا .
ولعل الحكمة من إخبار الله عز وجل للملائكة عن هذا المخلوق وذريتة ما
سيكون بينه وبينهم من صلة فقط أمروا - بعد خلقة - بتكريمة وتعظيمة
بالسجود له , امتحانا لطاعتهم .
وقدر الل سبحانة أن يكون منهم الحفظة والكتبة , وملائكة الوحي , والمطر
والنبات , والعذاب والموات ... وكلها متعلقه بحياة البشر ومقاديرهم
ومصائرهم . هذا .. ولم يكن جواب الملائكةعلى هذا الإخبار الإلهي بخلق آدم
من قبيل الاعتراض مطلقا , وقد علمت أن الاعتراض على الله ليس بمجرد معصية
فقط - كما زعموا - وإنما هو الكفر البواح الذي وقع فية إبليس علية لعنة
الله .
وإنما كانت حكمة هذا الخلق الجديد خافية عليهم فأرادوا معرفتها , لماذا
يخلق الله خلقا غيرهم ؟ وهل بدر منهم تقصير أو قصور في مهمتهم , لذلك أراد
الله أن يخلق غيرهم ؟. فكان سؤالهم واستفسارهم .
وكونهم وصفوا الإنسان بالفساد في الأرض وسفك الدماء قبل أن يوجد , لأن الله بذلك أعلمهم .
ولأنهم أدركوا أنه مادام هذا المخلوق سيكون من طين ويعيش في الأرض فلابد
أن تكون له طبيعة قابلة للخير والشر , وحينئذ لابد أن يقع التنازع والصراع
بين ذريته , فيحصل الفساد وتسفك الدماء .
ولكن حين أدرك الملائكة خصائص هذا المخلوق وعرفوا مازوده الله به من
الاستعداد للمعرفه والتزود من العلم . سجدوا سجود تحية وتكريم امتثالا
لأمر الحق تبارك وتعالى .
اخوكم / مهند